jeudi 23 janvier 2014

الجمعيات النسائية بإقليم أزيلال: الواقع و التحديات و الآفاق Associations féminines Azilal

azilal
أزيلال
الجمعيات النسائية بإقليم أزيلال: الواقع و التحديات و الآفاق
تقديم
تجمع جميع التقارير و الدراسات و الأبحاث على أن وضعية النساء بإقليم أزيلال تتميز بتدن كبير على جميع المستويات. و يبرز ذلك من خلال العديد من  الأرقام والإحصائيات  التي رغم ندرتها لأسباب عدة، تلقي الضوء على واقع يتميز باللامساواة في جميع الحقوق بين النساء و الرجال، و عدم التكافؤ بين نساء العالم القروي و مثيلاتهن بالوسط الحضري.

و إذا كانت هذه الوضعية تتقاسم خطوطها العريضة كل نساء المغرب ، فإنها بإقليم أزيلال تكتسي بعدا حادا بالنظر إلى النقص الحاد في البنيات التحتية  و الخدمات الاجتماعية الأساسية، و إلى غياب نشاط اقتصادي قادر على النهوض بالقدرة المعيشية للسكان، و إلى غياب إرادة سياسية حقيقية تستدمج الأبعاد الثقافية و اللغوية الأمازيغية  للساكنة المحلية في جميع مناحي الحياة.
واقع الجمعيات النسائية بإقليم أزيلال:
لم يبدأ تشكل الجمعيات النسائية بالإقليم إلا في بداية القرن الحالي، الذي عرف نموا مطردا في عدد الجمعيات بشكل عام.  فظهور الجمعيات النسائية جاء نتيجة الاهتمام المتزايد بحقوق المرأة، و الذي غذته النقاشات التي دارت إبان ما يعرف ب"الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"، و التي رغم الظروف التي دارت فيها و المتميزة بطغيان الإيديولوجي و السياسي عليها، فإنها ساهمت في توطين النقاش العمومي حول قضايا النساء و مكانتهن في المجتمع. وهكذا أخذت المبادرة بعض الفعاليات النسائية و الجمعوية لتحدث جمعيات متخصصة، بدأت تتشكل عبر مراحل و في سياقات مختلفة و بأهداف متنوعة كإجابات على إشكاليات متعددة أيضا. إلا أن هذا العدد يبقى ضعيفا على مستوى الإقليم، بحيث أن عدد الجمعيات النسائية النشيطة  لا يتجاوز 10، تشتغل جميعها على مشاريع و أنشطة تهم محو الأمية و التعليم الأولي و التكوين الحرفي و الأنشطة المدرة للدخل. و يمكن أن نشير إلى بعض من هذه الجمعيات النسائية النشيطة:
1-    جمعية النور النسوية للعلم و العمل بواويزغت.
2-    جمعية الرحمة للمعاقات بأزيلال
3-    جمعية نساء أفورار
4-    جمعية فضاء المرأة للتنمية و التضامن بأفورار
5-    جمعية تاكلفت النسوية للتنمية القروية بتاكلفت
6-    جمعية مي عائشة للتنمية و النهوض بالمرأة القروية بتاكلفت
7-    جمعية تنمية المرأة القروية بواويزغت.
و لا يمكن لأي أحد إنكار الدور الهام الذي تقوم به هذه الجمعيات في تحسين بعض مؤشرات التنمية، و في تمكين النساء من تحسين مهاراتهن القرائية و الحرفية، بل تمكينهن – و لو بشكل جد محدود- من تحسين دخلهن اليومي. إلا أن القيمة المضافة الكبيرة التي حققتها هذه الجمعيات، و جمعيات تنموية أخرى، تكمن في تشكيل نخبة نسائية فاعلة في محيطهن، و هو ما أثبتته نتائج الانتخابات الجماعية لسنة 2009، و التي مكنت العديد من الفاعلات الجمعويات من الظفر بمقاعد بالمجالس الجماعية القروية و البلدية.
إلا أن هذه الجمعيات رغم المجهودات التي تبذلها فإن تأثيرها يبقى ضعيفا على مستوى النهوض بحقوق النساء بالإقليم. بحيث أن جميع الجمعيات النسائية  و الجمعيات التنموية تشتغل على تقديم الخدمات فحسب، مع انخراط ضعيف في المبادرات الترافعية الوطنية الهادفة إلى تمكين النساء من حقهن في العيش الكريم المبني على مبادئ المساواة و عدم التمييز و الإنصاف و المناصفة. فرغم بعض التدخلات النادرة لجمعيات نسائية جهوية  أو وطنية على مستوى إقليم أزيلال،  و التي لا تتجاوز في الغالب حملات التحسيس و التوعية، فإن الجمعيات النسائية المحلية غير قادرة لحد الآن على الاستجابة للمطالب الملحة لنساء الإقليم.
و مرد ضعف التأثير هذا راجع على الأرجح للأسباب التالية:
1-    ضعف على مستوى القدرات التدبيرية خصوصا ما يتعلق بالتدبير المالي.
2-    ضعف على مستوى التخطيط و البرمجة و الاعتماد على الأنشطة الموسمية
3-    عدم القدرة على تعبئة و تدبير الموارد البشرية
4-    الخلط بين العمل التعاوني و العمل الجمعوي
5-    عدم اعتماد مبدأ التداول على المسؤوليات (خصوصا الرئاسة)
6-  عدم تعبئة شراكات أخرى غير تلك المبرمة في الغالب مع التعاون الوطني (في مجال إحداث مراكز التربية و التكوين الحرفي) ونيابة وزارة التربية الوطنية (في مجال محو الأمية) و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (في مجال الأنشطة المدرة للدخل).
7-    ضعف الفعالية و التأثير في التكثلات الجمعوية الإقليمية و الجهوية.
8-  ضعف التنسيق و التواصل بين هذه الجمعيات من جهة، و بينها و بين النساء عموما، و بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين بالإقليم (مؤسسات و جمعيات).
9-  الإدراك السطحي – في أحسن الأحوال -  لمقاربة النوع الاجتماعي، و عدم اعتماد أدواتها و منهجياتها. بالإضافة إلى عدم اعتماد المقاربة الحقوقية.
10-                      التأثر الكبير بالصراعات السياسية الحزبية.
و كل متتبعة/ متتبع للحركة النسائية بالإقليم يلاحظ قصور تدخلها في قضايا تهم الحقوق المدنية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية للنساء، و ذلك ربما ناتج عن حداثة مكونات هذه الحركة ذاتها، وعن طبيعة و توجهات و قدرات نخبتها. إذ يلاحظ غياب شبه تام لهذه الحركة عن كل الديناميات الاجتماعية الوطنية الرامية إلى تكريس المساواة و المناصفة، و نبذ كل أشكال التمييز، و الحد من  ظواهر العنف و الإقصاء تجاه النساء.
التحديات
إن تحديات كبيرة تنتظر الجمعيات النسائية المحلية خصوصا، و النسيج الجمعوي بالإقليم بشكل عام، فهما مطالبين اليوم أكثر من أي وقت مضى ب:
1-  المساهمة في توسيع و تأهيل النخب النسائية لرفع تحدي المناصفة في التمثيلية، و إلا فسنكون أمام مناصفة مغشوشة و هشة.
2-  تقوية القدرات الترافعية للجمعيات النسائية للتصدي لبعض مظاهر العنف المؤسس على النوع، و نخص بالذكر كل أشكال العنف الجسدي و النفسي، و تزويج القاصرات، و عدم تمدرس الفتيات أو مواصلة دراستهن، الاغتصاب ، التحرش الجنسي، عدم الاستفادة من الحق في الأراضي السلالية، ... 
3-  وضع آليات و تصورات تضمن التنزيل الديموقراطي للدستور سواء فيما يتعلق بالقضايا ذات الأبعاد الوطنية أو الجهوية و المحلية.
4-  تقوية القدرات الاقتراحية للجمعيات النسائية حتى تتمكن من القيام بأدوارها الجديدة المحددة في الدستور، و خصوصا ما يتعلق بأدوارها في إعداد و تتبع و تقييم السياسات و البرامج التنموية.
5-    تقوية حضور الفعاليات النسائية الجمعوية للإقليم  بالهيآت المكلفة بالحكامة الجيدة وطنيا و جهويا و محليا. 

الآفاق
أمام هذه الوضعية المتسمة بالفتور و القصور، نقترح الاشتغال على بعض  الأهداف الاستراتيجية التي يمكن أن تساهم في النهوض بأوضاع النساء بالإقليم ، و التي ستمكن من تشكيل حركة نسائية حقيقية و فعالة تتلخص في:
1.      تويع قاعدة  النخبة النسائية الجمعوية و و تقوية قدراتها.
2.     تعزيز أدوار الجمعيات النسائية المحلية.
3.     إحداث و تفعيل آليات للتشبيك و التنسيق بين مختلف الجمعيات النسائية.
 فقد أصبح لزاما وضع تصور أولي لفتح النقاش الجمعوي الهادئ بغية تحقيق الأهداف السالفة حتى لا تبقى الجمعيات النسائية بالإقليم شاردة عن النقاش الوطني الدائر حول قضايا النساء، و كأن هذا الإقليم  بنسائه و أطفاله و شبابه و رجاله كتب عليه التهميش و الإقصاء و العزلة ، الذين كان  مصدرهم خارجي في عقود سالفة، و تحولوا الآن إلى ما يمكن تشبيهه  بالانعزال و الانطواء.
و لا جدال في أن إنجاز هذه المهمة  يقتضي مشاركة و انخراط الفعاليات الجمعوية النسائية المحلية أولا، و النسيج الجمعوي المحلي ثانيا، كما يقتضي مساهمة و دعم من  الحركة النسائية  الجهوية و الوطنية، و جميع الفعاليات المعنية بالنهوض بحقوق المرأة بشكل خاص، و حقوق الإنسان بشكل أعم.

سيزيف نوزيلال

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire