vendredi 17 janvier 2014

Questions sur le dialogue national sur l'action associative تساؤلات حول الحوار الوطني حول أدوار جمعيات المجتمع المدني

cercle associatif


تساؤلات حول الحوار الوطني حول أدوار جمعيات المجتمع المدني

عملت الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان و المجتمع المدني على إحداث لجنة وطنية للسهر على إطلاق وتدبير النقاش العمومي جول الأدوار الجديدة لجمعيات المجتمع المدني. و بعيدا عن النقاش الذي رافق تأسيس هذه اللجنة و المواقف المعبر عنها من قبل العديد من الفعاليات الجمعوية و الجامعية و السياسية، سواء التي ثمنت المبادرة أو التي رفضتها، فإن سلسلة اللقاءات الجهوية تطرح العديد من التساؤلات و الملاحظات ، منها ما هو مرتبط بالتصور العام للوزارة، و منها ما هو مرتبط بالجسم الجمعوي في حد ذاته، و منها في الأخير ما له علاقة بالجوانب التنظيمية.

فعلى مستوى  التصور العام، يبدو أن الوزارة لم تبن تصورها باعتماد مقاربة تشاركية، تستحضر بالإضافة للجمعيات، شخصيات أكاديمية متخصصة، الشيء الذي جعل النقاش الحالي يحيد عن الأهداف المتوخاة منه، و جعله مرتعا للتجاذبات السياسية و الصراعات الإيديولوجية، مما جعل العديد من الجمعيات و الشخصيات  لا ينخرط فعليا في هذا الحوار، الذي يهدف إلى إشراك جميع الفعاليات في " إنتاج جواب جماعي لسؤال المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة" كما جاء وثيقة الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني.
و لعل ترويج خطاب جديد من طرف الوزارة المكلفة و من خلالها الحكومة الحالية ككل، ينم عن قصور في فهم للفعل الجمعوي، بحيث أن الحديث عن وضع "سياسية عمومية في مجال المجتمع المدني"، يبدو غير ذا مغزى إذا أدركنا بأنه في الأصل خارج عن كل سياسة حكومية، و وليد لحركية المجتمع فقط. و لا يمكن لأي فعل جمعوي أن يستقيم في غياب مبدإ أساس يتمثل في الاستقلالية عن أي توجيه سياسي و غيره. فتكبيل المجتمع المدني هو حكم بنفيه، و محاولة لاحتوائه.
و هذا التعاطي غير الواضح مع المجتمع المدني له تمظهرات أقوى يمكن رصدها من خلال الخطاب المروج كذلك من طرف الحكومة حول الجمعيات. و الذي لا ينطلق من حقيقة أساسية مفادها أن مساهمة جمعيات المجتمع المدني  المغربي في عدة أوراش (حقوقية – تنموية  –  سياسية – ثقافية – رياضية ...) كانت ذات نتائج هامة، بل بالعكس من ذلك، فقد تم ترويج معجم جديد كالريع الجمعوي. 
و جاء مقترح فريق العدالة و التنمية بالبرلمان حول قانون الجمعيات  ليعلن المزيد من التراجعات في حرية تأسيس و تسيير الجمعيات، بل زاد من عدد المؤسسات الإدارية التي تراقب و تتحكم في الجمعيات، في الوقت الذي تطالب فيه هذه الأخيرة برفع يد المؤسسات الحكومية عنها كما هو حال وزارة الداخلية التي تتحكم في كل حيثياث و إجراءات التأسيس و التجمع.
فخلق التوتر مع طرف أساسي في المعادلة قبل مباشرة الحوار الوطني، لا يمكن أن يساهم في نجاحه، و هو ما عبرت عنه العديد من الجمعيات عبر مقاطعتها للحوار الوطني، بل و تنظيمها لحوار مواز.   
أما على مستوى الحركة الجمعوية، فيمكن تسجيل الملاحظات التالية:
-     عدم فتح النقاش داخل الجمعيات لفهم الأدوار الجديدة، و بالتالي وضع تصورات أولية تساهم في تقريب الرؤى بين مكونات النسيج الجمعوي المحلي و الجهوي و الوطني.
-          عدم فتح أوراش كافية للتفكير المشترك بين مكونات النسيج الجمعوي، خصوصا على المستوى الجهوي و الإقليمي و المحلي.
-     عدم فهم مرامي و أهداف اللقاءات الجهوية، و المواضيع التي تشكل الفقرات الأساسية في جدول أعمالها. بحيث حادت هذه اللقاءات في مجملها عن الأهداف المسطرة و  تحولت إلى  منابر لإلقاء الخطب من جهة، و إلى تقديم الشكايات و التظلمات من جهة أخرى.
-     غياب التنسيق بين الجمعيات الحاضرة  (و ليس المشاركة) في الحوار الوطني، الشيء الذي يرسخ فكرة عدم استيعاب الحركة الجمعوية (في الجزء الأكبر منها على الأقل) للأدوار التي خصها بها دستور 2011. بحيث أن استمرار الاشتغال في جزر متباعدة لا يمكن بتاتا أن يسهل عملية المشاركة كما هي محددة في الفصل 12.
-          ضعف المستوى التحليلي لدى أغلب الجمعيات، و بالتالي عدم قدرتها على بلورة تصورات واضحة و بدائل لإجابات جاهزة.
-          عدم اهتمام أغلب الجمعيات بالنقاش الدائر و الذي اتخذ طابعا سياسيا صرفا، و انغلاقها على تدبير اليومي.
-     اقتصار  أنشطة التعبئة الاجتماعية التي تقودها منظمات وطنية على محاور و جهات محدودة، الشيء الذي لم يمكنها من حشد التأييد بالدرجة المطلوبة.

و من حيث الجوانب التنظيمية، نسجل ما يلي:
-     الحضور الوازن للوزارة المكلفة عوض رئاسة اللجنة. و هذا ما يمكن أن تستشفه من خلال عدد اللقاءات التي حضرها الرئيس و تلك التي حضرها الوزير. إضافة إلى مؤشر آخر ذا أهمية، و الذي يتعلق بعدد التصريحات و الخرجات الإعلامية  لكليهما حول الموضوع.
-     تسخير جميع قنوات التواصل الممكنة من جانب الوزارة لاستقطاب الجمعيات للحضور بما فيها الأساليب العتيقة و التي تمس في الجوهر استقلالية الجمعيات و جوهرها المدني. بحيث تم توجيه الدعوة للجمعيات عن طريق السلطات المحلية باستعمال الهاتف أو أعوان السلطة.
-          استمرار مشهد المحاضر و المتلقي في لقاء مفروض أن يؤسس للتكافؤ و المساواة و المشاركة الفعالة.
-          تنظيم اللقاءات في يوم بكل جهة، الشيء الذي لا يمكن البتة من تعميق النقاش.
-          عدم نشر خلاصات اللقاءات الجهوية، بشكل يمكن من تتبع تطور الحوار الوطني.

إن هذه الملاحظات الأولية تضعنا أمام حقيقة واحدة، هي أن الوزارة تتجه إلى وضع سياستها كما تفهمها من أجل فرض وصايتها على جمعيات المجتمع المدني. و هذا ما سيخلق المزيد من التوتر، إن لم نقل المواجهة بينهما في وقت كانت قد بدأت الإرهاصات الأولى لتفاعل الدولة مع المجتمع المدني، و التي تجد صداها في مجموعة من الأوراش الوطنية بدءا من صياغة الدستور الحالي، مرورا عبر أوراش المبادرة الوطنية، و  مدونة الأسرة و غيرها.


سيزيف نوزيلال – sisyphenozilal@gmail.com

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire